CKD

القصور الكلوي المزمن

مقدمة:

لكل إنسان كليتان تقعان تحت الحجاب الحاجز واحدة على كل جانب من العمود الفقري.  وفوق كل كلية تجلس الغدة الكظرية. و الكلية لدى البالغين بحجم قبضة اليد بوزن 110 – 160 جرام و طول 10 – 13 سم. و رغم صغر حجم الكلى إلا أنها من أهم أعضاء الجسم لأهمية وتعدد وظائفها و التي تشمل:

1- التخلص من السموم الناتجة عن هضم الغذاء و الناتجة عن تجدد الأنسجة و العمليات الحيوية داخل الجسم.

2- التخلص من السوائل الزائدة عن الحاجة عبر التبول. 

3- المساعدة في تنظيم ضغط الدم عبر إفراز هرمون الرينين لتنظيم عمل الهرمونين الانجيوتنسين 2 و الالدوستيرون (الذي تفرزه الغدة الكظرية).

4- ضبط مستوى الأملاح كالبوتاسيوم و المعادن كالفوسفورو الكالسيوم .

5- انتاج هرمون ايريثروبويتين الذي يحفز نخاع العظم لانتاج كريات الدم الحمراء مما يحسن من نسبة الهيموجلوبين في الدم.

6- تنشيط فيتامين د ليصبح كالستريول و الذي يرفع نسبة الكالسيوم مما يحافظ على قوة العظم و يسيطر على نشاط الغدد جارة الدرقية. 

الأسباب:

القصور الكلوي المزمن هو حالة من الضعف المستمر لوظائف الكلى و الذي ينشأ ببطء ويتواصل لأشهر أو لسنوات دون التسبب بأية أعراض إلى أن يؤدي إلى فشل كلوي تام. هذا المرض تتداخل فيه مضاعفات كل من داء السكري وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين ويؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة في القلب و الجهاز الوعائي و قد يؤدي إلى الوفاة خصوصا لدى مرضى السكري. و أهم أسباب القصور الكلوي المزمن هي :

1- داء السكري خصوصا عند انعدام السيطرة على مستوى السكر في الدم لسنوات عدة هو أكثر أسباب القصور الكلوي المزمن شيوعا وبسبب اضعاف داء السكري للقلب وتسببه بتصلب الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم فإن المصابين بهداء السكري في وضع أسوأ من غيرهم من مرضى القصور الكلوي المزمن. وأول علامات تأثر الكلى لمرضى داء السكري هي وجود الزلال (البروتين) في البول ثم تزداد كمية الزلال في البول ويرتفع ضغط الدم ثم تبدأ وظائف الكلى بالانخفاض ويرتفع مستوى الكرياتنين (السموم) في الدم.

2- ارتفاع ضغط الدم المزمن عند انعدام السيطرة الجيدة عليه لسنوات خاصة لدى المدخنين ومن يعانون من السمنة.

3- التكيس الكلوي التعددي الوراثي.

4- الالتهابات الكلوية البكتيرية المتكررة المترافقة مع الارتجاع المثاني الحالبي للبول.

5- الالتهابات المناعية كالذئبة الحمراء.

6- حصى الكلى إن كانت متكررة وكبيرة و تصيب الجانبين وتسبب الانسداد و تسبب الالتهابات البكتيرية الكلوية المتكررة.

7- تناول مسكنات الألام (NSAIDs, COX2 inhibitors) مثل بروفين، بونستان، أدفيل، اندوسيد، فولترين، سيلبريكس، موبي) بشكل مستمر 

8- تعاطي المخدرات الوريدية

التدخين وتصلب الشرايين والسمنة المفرطة وتقدم العمر والغذاء الغني بالبروتين وفقر الدم تضاعف خطورة الأمراض المذكورة أعلاه عند الرجال.

ويتم تشخيص قصور الكلى المزمن عن طريق تحليل دم للكرياتينين (creatinine) وتحليل بول بحثا عن الزلال أو البروتين. ولأنه لا يتسبب بأية أعراض فإنه يجب على غير المصابين التأكد بصورة دورية من أن مستوى السكر في الدم و ضغط الدم سليمين كما يجب إجراء فحوصات دورية للتأكد من خلو البول من الزلال وللتأكد من أن نسبة وظائف الكلى طبيعية. و نتيجة تحليلي الدم و البول يتم تحديد شدة أو مرحلة القصور الكلوي المزمن لدى المريض:

1- الأولى: وظائف الكلى طبيعية (فوق 90%) مع وجود زلال في البول أو مرض شخص عن طريق عينة الكلى أو عيب في الكلى كشفته الأشعة 

2- الثانية: قصور بسيط في وظائف الكلى (60- 90%) و تعتبر هذه المرحلة والمرحلة السابقة مراحل أولية.

3- الثالثة: قصور متوسط في و ظائف الكلى (30-60%).

4- الرابعة: قصور شديد في وظائف الكلى (15-30%) و تعتبر هذه المرحلة متقدمة.

5- الخامسة: فشل كلوي نهائي حيث تقل نسبة عمل الكلى عن 15% مما يعني أن المريض بحاجة إلى التحضير إما للغسيل وإما لزراعة الكلى.

مضاعفات القصور الكلوي المزمن:

1– المراحل الأولى (> 60%):

عادة حين تكون نسبة وظائف الكلى  أعلى من 60% لا يحس المريض بأية أعراض الا مع الالتهابات الكلوية البكتيرية او الحصى لكن قصور الكلى المزمن قد يتسبب في ارتفاع ضغط الدم وهذا بدوره يجهد عضلة القلب ويساهم في تصلب الشرايين ويؤدي إلى تسارع القصور الكلوي إذا أهمل.

 2- المراحل المتقدمة (< 60%):

حين تقل نسبة وظاائف الكلى عن 60% تبدأ المشاكل التالية:

أ- ارتفاع نسبة البوتاسيوم و الذي قد يؤدي ارتفاعه الحاد والمفاجئ نتيجة لعدم الإلتزام بالنصائح الغذائية بالإضافة إلى تأثير بعض الأدوية (كمسكنات الآلام و مضادات الأنجيوتنسين) إلى بطء نبض القلب والاحساس بالضعف العام.

ب- لاحقا تعجز الكلى عن إفراز هرمون الايريثروبويتين الذي ينشط إنتاج الدم مما يؤدي إلى فقر الدم متسببا في المزيد من الإجهاد لعضلة القلب والاحساس بالضعف العام. كما أن فقر الدم الشديد يساهم في تسارع فقدان وظائف الكلى

ج- يلي ذلك ارتفاع نسبة الفوسفور في الدم وذلك لعدم قدرة الكلى على التخلص مما نتناوله من فوسفور وارتفاعه المزمن يؤدي إلى تصلب الشرايين والهرش. و يزداد نشاط الغدد جارة الدرقية الموجودة في العنق للتخلص من الفوسفور الزائد وتحسين نسبة الكالسيوم لكن النشاط الزائد المزمن يؤدي أيضا إلى إجهاد عضلة القلب ووهن العظم وآلام العظام.

د- ثم تزداد شدة حموضة الدم مما قد يؤدي إلى مزيد من وهن العظم وضعف وضمور العضلات كما أن هذا يساهم في تأخير النمو لدى الأطفال المرضى.
كما أن ازدياد شدة حموضة الدم ترهق القلب و تسبب تسارع في التنفس و ضيق النفس.

3- المراحل النهائية (< 10%):

يبدأ المريض تدريجيا بالشعور بالغثيان و فقدان الشهية وبالضعف وقصر النفس (وكلاهما نتيجة لنقص نسبة الدم وارتفاع ضغط الدم وتجمع السوائل في الرئتين وازدياد درجة حموضة الدم) وتورم الساقين نتيجة تراكم السوائل وقلة التركيز وحكة الجلد والتقلصات العضلية في الساقين وقلة النوم. كما يصبح السيطرة على ارتفاع ضغط الدم أكثر صعوبة كما قد يصاب مرضى السكر بنوبات هبوط متكررة نتيجة لازدياد استجابة الجسم للانسولين. ثم تبدأ كمية البول في النقصان. وعادة يبتدأ غسيل الكلى أو تجرى زراعة الكلى قبل الوصول إلى هذه الأعراض أو قبل اشتدادها

علاج القصور الكلوي المزمن:

للأسف لايوجد علاج يؤدي إلى الشفاء الكامل من القصور الكلوي المزمن طالما أصيب به المريض لكن التعاون بين المريض و الطبيب من خلال التزام المريض بالنصائح الطبية والغذائية وبالعلاج وبالمواعيد ومن خلال استخدام الطبيب المبكر لكل الأدوية المتاحة يسهم في استقرار وظائف الكلى لمن يكتشف مبكرا ويبطء تدهور وظائف الكلى و يقلل من أثر الأعراض والمضاعفات لمن يكتشف متأخرا.

A- نصائح لجميع مرضى القصور الكلوي المزمن بغض النظر عن أسبابه وبغض النظر عن المرحلة التي وصل إليها:

1- السيطرة على مستوى السكر في الدم لمرضى السكر عن طريق الدواء و الحمية والرياضة لإبقاء مستوى السكر التراكمي (HbA1c < 6.5%)

2- الإبقاء على ضغط الدم طبيعيا (130 / 80) و ذلك عن طريق تجنب أو تخفيف الملح في الطعام و تخفيف الوزن والإمتناع عن التدخين و ممارسة الرياضة بشكل منتظم و تجنب الأدوية التي ترفع ضغط الدم كمسكنات الألام وموانع الحمل والخمر.

3- الإمتناع عن التدخين والإمتناع عن مجالسة المدخنين يساهم في السيطرة على ضغط الدم وتجنب تصلب الشرايين

4 – المحافظة على وزن سليم (كتلة الجسم > 25%) عن طريق الحمية والرياضة لتخفيف مشاكل السكر والضغط وتصلب الأوعية

5 – تجنب الأدوية الضارة خاصة (Aminoglycosides, NSAIDs, COX2 inhibitors) وتجنب إن أمكن صبغة الأشعة الوريدية (Contrast) أو أخذ الاحتياطات اللازمة بمعرفة طبيب الكلى وعلى المرضى ابلاغ الطبيب والصيدلي المعالج بوضع الكلى

6 – علاج فوري لأي مشكلة قد تتسبب بقصور كلوي حاد نتيجة لهبوط ضغط الدم كالالتهابات المعوية (اسهال وقيء شديدين) أو النزيف الشديد أو الالتهابات البكتيرية أو نتيجة لانسداد الحالب أو نتيجة لتناول أدوية ذات تأثير ضار على الكلى.

B- علاج المراحل الأولية:

لايوجد شفاء من القصور الكلوي المزمن. الالتزام بالنصائح المذكورة أعلاه مع التأكد من تناول الأدوية الضرورية التالية:

1- مضادات الأنجيوتنسين:

هذه عائلتين من الأدوية تعطى لمرضى القلب و مرضى ارتفاع ضغط الدم و لكنها مفيدة جدا لمرضى الكلى حتى لو كان ضغط الدم طبيعيا حيث أنها تخفض كمية الزلال في البول و تبطئ من تلف الكلى الذي قد يسببه السكر و غيره. لكن يجب التأكد من استقرار وظائف الكلى لأنها قد تسبب قصورا مؤقتا في وظائف الكلى لدى قلة من المرضى كما يجب تجنب المرضى للأغذية الغنية بالبوتاسيوم لأن تناول هذه الأدوية مع هذه الأغذية يرفع من نسبة البوتاسيوم في الدم بشكل يهدد نشاط القلب كما أنه يجب معرفة أن هذه الأدوية ممنوعة على الحامل.

2- الستاتين:

تخفض نسبة الدهون و لكنها تعطى أيضا لمرضى الكلى لتحمي الأوعية الدموية من الترسبات و التصلب و تحمي الكلى من التلف حتى لو كان مستوى الدهون طبيعيا و لكن يجب متابعة إنزيمات الكبد و العضلات وهي ممنوعة على الحامل.

3- الأسبرين:

يسييل الدم و يمنع تكتل (تجلط) الصفائح الدموية موفرا حماية أكثر للكلى خاصة إن كان الزلال في البول كثيرا أو إن كان المريض مصابا بتصلب الشرايين أو مصابا بمتلازمة هيوز و لم يصب بجلطة بعد أما من أصيبوا بجلطة فهم بحاجة إلى مسيل الدم (مثل الوارفرين). 

4- مضادات ناقل الصوديوم و الغلوكوز في الكلى (Sodium Glucose Cotransporter 2 Inhibitors – SGLT2I):

C- علاج المراحل المتقدمة:

 بالإضافة للنصائح و الأدوية المذكورة أعلاه فانه على المرضى أيضا:

أ- تخفيف الملح في الطعام بحيث لايزيد عن 4 جرام ملح (أو 1.5 جرام صوديوم) للسيطرة على ضغط الدم ولمنع تجمع السوائل في الساقين والرئتين
ب- تقليل كمية البروتين المستهلكة يوميا إلى أقل من 1جرام لكل كيلوجرام وزن أي أن المسموح 70 جرام بروتين يوميا إن كان وزن المريض 70 كيلوجرام

ج- تقليل كمية البوتاسيوم المستهلكة يوميا إلى أقل من 2جرام لكل كيلوجرام وزن أي أن المسموح 140جرام بوتاسيوم يوميا إن كان وزن المريض 70كيلوجرام

د- تقليل كمية الفوسفور المستهلكة يوميا إلى أقل من 800 مليجرام لكل كيلوجرام وزن 

ه- قد يضطر الطبيب لإيقاف مضادات الأنجيوتنسين إن كان البوتاسيوم مرتفعا أو نسبة عمل الكلى منخفضة جدا.

و- تناول أدوية لتخفيض نسبة الفوسفور وتحسين نسبة الكالسيوم (كالسيوم / سيفيلامير)

ز- تلقي إبرة هرمون الايبو تحت الجلد كل أسبوعين أو أربع للحفاظ على نسبة دم طبيعية بعد التأكد من أن نسبة الحديد في الدم طبيعية.

ح- تورم الساقين نتيجة لزيادة كمية السوائل في الجسم تعني الحاجة إلى مدر للبول إضافة إلى تخفيض معدل الاستهلاك اليومي للأملاح و للسوائل بحيث لايزيد عن 1-1.5 متر يوميا (شاملا الماء والقهوة والشاي والحليب واللبن والعصير والشوربة وغيرها)
ط- ارتفاع حموضة الدم نتيجة لضعف الكلى تعني الحاجة إلى تناول حبوب (بيكربونات الصوديوم – NaHCO3) لتخفيف شدة حموضة الدم

ي- الهرش يتحسن مع خفض نسبة الفوسفور وخفض نشاط الغدة جارة الدرقية والتعرض للشمس وتجنب المنظفات والعطور المسببة للحساسية ومعالجة الجفاف

ك- يقرر الطبيب توقيت إجراء عملية وصلة شريانية-وريدية بالذراع تحضيرا للغسيل الدموي أو إجراء فحوصات لزراعة الكلى.

C- علاج المرحلة النهائية هو الاختيار ما بين الغسيل عبر أوعية الدم أو الغسيل عبر الغشاء البيريتوني أو زراعة الكلى. 

د.علي السهو

اشترك لتصلك أخبارنا

* indicates required

Intuit Mailchimp